تنوع العبادات في مكة المكرمة
مكة .. أرض الطهر والتطهير، تقال فيها العثرات، وتمحى فيها الزلات.
تُسمع فيها آهات المنيبين، وترى فيها دموع المخبتين.
صدور المستغفرين لها أزيز كأزيز المرجل، ولساحات بيت الله دَوِي كدَويِّ النحل.
ولأنها أرضُ حطّ الخطايا، وتكفير الذنوب والرَّزايا، خصّها الله بعبادات مخصوصة، وجعلها من أسباب تكفير الذنوب والسيئات، وكلٌ فيها ميسر، ومن هذه العبادات:
- الطواف بالبيت:
وقد ورد في فضله أحاديث عديدة، منها ما يدل على أن الطواف بالبيت من مكفرات الذنوب، ومن ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يزاحم على الركنين زحامًا شديدًا فسأله عن ذلك فقال: إن أفعل،
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إن مسحهما كفارة للخطايا)
وسمعته يقول:
(من طاف بهذا البيت أسبوعًا (سبعة أشواط) فأحصاه كان كعتق رقبة)
وسمعته يقول:
(لا يضع قدمًا ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة).
الترمذي (959)، وابن ماجه (2956).
- مسح الركنين اليمانيين:
وقد دلّ على أن مسحهما من مكفرات الذنوب ما جاء في حديث ابن عمر: (إنّ مسحهما كفارةٌ للخطايا). الترمذي (959)، وابن ماجه (2956).
ففيه دليل أن مسح الركنين من أسباب كفارة الذنوب، والمراد بالركنين: الحجر الأسود والركن اليماني.
قال مجاهد: إن استلام الحجر والركن يمحق الخطايا. مصنف عبد الرزاق (8876).
- العمرة وتكرارها
العمرة من العبادات المختصة بالبلد الحرام، ودلّ الدليل على أنها من مكفِّرات الذنوب، وذلك ما جاء في قوله: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما).
البخاري (1683)، ومسلم (1349)
وهذا ظاهر في فضيلة العمرة، وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين.
واستنادًا إلى هذا الحديث استحب جماهير أهل العلم تكرار العمرة أكثر من مرة واحدة في السنة. المفهم (11/ 14).
- حجّ بيت الله الحرام
عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(من حج فلم يرفُث، ولم يفسُق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
البخاري (1819)، ومسلم (1350).
وعن عمرو بن العاص في قصة إسلامه، وفيه: (وأنّ الحجّ يهدم ما كان قبله). مسلم (192).
وعن ابن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(ما ترفع إبلُ الحاجّ رِجلاً، ولا تضع يدًا، إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع بها درجة).
البيهقي في شعب الإيمان (4116).
- حلق الشعر في النُّسك
قال صلى الله عليه وسلم:
(وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك).
الطبراني في الكبير (12/ 425).
- رمي الجمار:
قال صلى الله عليه وسلم:
(وأما رميك الجمار؛ فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من كبائر الموبقات).
البزار في مسنده (12/ 317).
الخلاصة:
ما سبق من عبادات تميّزت باختصاصها بمكة، وأنها ماحيات للذنوب، وتشارك مكةُ غيرَها من البلدان في المكفرات الأخرى الكثيرة، ولكن النتيجة التي توصلنا إليها من خلال السرد السابق أن مكة كما أنها أرضُ الاستزادة من الحسنات، فهي أرضٌ لتكفير السيئات.
من أين يبدأ تكفير الذنوب لمن قصد الكعبة البيت الحرام؟
الوافد على الله، الزائر لبيته، يأجره الله عز وجل ويكفر عنه من سيئاته، بكل خطوة يخطوها بنفسه أو دابته، وذلك بمجرد خروجه من بيته!!
فمن قصد هذ البيت العتيق من شرق آسيا أو غرب إفريقيا أو أقاصي أستراليا أو أوروبا أو أمريكا، فهو في ضيافة الله، ومَن أكرم من الله؟!
فعن عبادة بن الصامت ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(فإنّ لك من الأجر إذا أممت البيت العتيق، ألا ترفع قدما أو تضعها أنت ودابتك، إلا كتبت لك حسنة، ورفعت لك درجة).
الطبراني في الأوسط (3/ 16)
وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام؛ فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة).
الطبراني في الكبير (12/ 425).
مواد متعلقة
-
مكانتها عند الرسول صلى الله عليه وسلم
يبحث المقال مكانة مكة المكرمة... -
الآثار الواردة عن السلف عن مكة
ومضات في الآثار الواردة عن الس... -
مكانتها عند الأنبياء السابقين
يعرض المقال مكانة مكة المكرم... -
منزلتها عند الملائكة الكرام
بحث المقال منزلة مكة عند الملا... -
تحذير لقاصدي مكة
يعرض المقال تحذيرات لقاصدي مكة...