مقطع وثائقي عن مكة

أمّ القرى، البلد الأمين... مكّة..

فيها وضع أول بيتٍ للناس، أول مسجدٍ على هذه الأرض...

هي مهبط الوحي الكريم.. وقبلة المسلمين في صلاتهم.. وإليها تهوي أفئدتهم...

من بيوتاتها بدأت دعوة التوحيد سرًّا ... ومن فوق أحد جبالها ... برسالة التوحيد الخالدة صدع رسولنا الكريم حين أمره الله عزّ وجلّ.

في مكّة يقف المؤمن خاشعًا مخبتًا، بلدٌ حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة؛ لا يعضد شوكه، ولا ينفّر صيده...من أراد فيه بظلمٍ أذاقه الله العذاب الأليم.

مواقيت حرمها خمسة لمن أتى عليهنّ ممّن أراد الحجّ والعمرة... عندها تبدأ الرّحلة ... "ذو الحليفة" للقادم من المدينة المنورة... و"الجحفة" ميقات أهل الشّام.. و"قرن المنازل" للقادمين من نجدٍ ... و"ذات عرقٍ" لأهل العراق...و"يلملم" للقادمين من اليمن. منذ آلاف السّنين ...

رفع قواعد كعبتها المعظّمة إبراهيم عليه السلام.... وعبر التاريخ الطّويل أعيد بناؤها عدّة مرّاتٍ... إلى أن صارت لصورتها الحاليّة... بناؤها تاريخٌ زاخرٌ بالمكرمات ... والعناية بها مطمح أهل الحكم والولاة من أمّة الإسلام على امتداد الزمان... ستارها، بابها، ميزابها، مفاتيحها، سلّمها ... كلّها نفائس وكرائم تأخذ بالألباب.

في زاويتها يوجد الحجر الأسود... حجرٌ من الجنّة على هذه الأرض.

في فنائها بئر زمزم... سقيا الله لعبده الكريم إسماعيل بن إبراهيم وللناس من بعده... ماؤها شفاء سقمٍ وطعام طعمٍ..

يقصد المسلمون من أقطار الأرض مكة لأداء شعيرة الحجّ، ركن الإسلام الخامس، ملبّين نداء أبيهم إبراهيم عليه السلام.. ومنذ ذلك اليوم ومكّة مهوى الأفئدة ومطمح النفوس... يأتيها الناس من كلّ فجٍّ عميقٍ.. رجالًا ونساءً.. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم..

يغادر الحاجّ الميقات محرمًا، خالعًا عنه لباس الدّنيا... رتبها ومناصبها... زينتها وبهرجها.. لابسًا من اللّباس أهونه وأخفّه... في مشهد جليلٍ لوحدة المسلمين باختلاف أجناسهم وألوانهم.. وفي مكّة.. يتذكّر المسلم نسبه الكريم، نسب العقيدة الصافية التي حملها صفوة البشر، يتذكّر كيف شهد المسلمون اللّحظات الأولى للبعثة المحمديّة، كيف عانى الصّحب الكرام أذى المشركين، كيف صبروا وصابروا ورابطوا وهاجروا وجاهدوا حتى أتمّ الله نوره على العالمين.. ويتذكّر غار حراء... حيث نزل أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم بالنّور المبين: القرآن الكريم آخر رسالات الله لأهل الأرض..

هنا بمكّة آي الله قد نزلت ** هنا تربّى رسول الله خير نبي

هنا الصّحابة عاشوا يصنعون لنا ** مجدًا فريدًا على الأيّام لم يشب

كم هزّني الشّوق يا خير الدّيار وكم ** عانيت بعدك وجدًا دائم السّبب!

إلّا إليك... أرى الأشواق تقعد بي ** وعند ذكرك أشواقي تحلّق بي

فوا شوقاه يا مكّة!

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد لدينا