المسألة الأولى
الفواسق المنصوص عليها
أولاً: حكمها:
ذهب أكثر العلماء: إلى جواز قتل ستة أنواع من الدواب الفواسق في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وهي: الْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحَيَّةُ، والْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ الأَبْقَعُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ[1].
الأدلة:
1- ما جاء عن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما -؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خَمْسٌ لاَ جُنَاحَ على مَنْ قَتَلَهُنَّ في الْحَرَمِ وَالإِحْرَامِ: الفَارَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)[2].
2- ما جاء عن حَفْصَةَ - رضي الله عنها - زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (خَمْسٌ من الدَّوَابِّ[3] كُلُّهَا فَاسِقٌ، لاَ حَرَجَ[4] على مَنْ قَتَلَهُنَّ: الْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، والفَارَةُ[5]، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)[6].
3- ما جاء عن عَائِشَةَ - رضي الله عنها؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ[7] يُقْتَلْنَ في الْحَرَمِ: الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)[8].
4- ما جاء عن الْقَاسِمَ بن مُحَمَّدٍ قال: سمعتُ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يُقْتَلْنَ في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، والفارة، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ). قال: فقلت لِلْقَاسِمِ: أَفَرَأَيْتَ الْحَيَّةَ؟ قال: تُقْتَلُ بِصُغْرٍ لها[9].
5- ما جاء أيضاً عن عَائِشَةَ - رضي الله عنها؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:(خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الأَبْقَعُ، والفَارَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا)[10]. وجه الدلالة: التنصيص على جواز قتل ستة أنواع من الدواب المؤذية في الحرم؛ لفسقها، وهي: الْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحَيَّةُ، والْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ الأَبْقَعُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.
قال النووي - رحمه الله: (فالمنصوص عليه السِّت، واتفق جماهير العلماء: على جواز قتلهن في الحل، والحرم، والإحرام)[11].
ثانياً: تعريفها وسبب إباحة قتلها:
من المناسب أن نُسَلِّطَ الضوء على كلِّ نوعٍ من هذه الدواب الفواسق، وحِكمةِ جواز قتلها في الحلِّ، والحرمِ، والإحرام:
• أولاً: الْحِدَأةُ:
الحِدَأُ: جمع الحِدَأَةِ، وهو: طائر يصيد الجِرْذَان، وربما فتحوا الحاء، فقالوا: حَدَأَةٌ، وحَدأ، والكسر أجْود. والحَدَأ: الفُؤُوس، بفتح الحاء[12]، وقد جاء في الحديث: (الحُدَيَّا) على وزن الثُّرَيَّا[13]. قال ابن الأثير - رحمه الله -: (الحِدَأ: وهو هذا الطائر المعروف من الجوارح، واحدها حِدَأَة بوزن عنبة)[14].
سبب إباحة قتله: الحِدَأ أو الحُدَيَّا من الطير الجوارح، بل هو أخَسُّ الطير؛ لأنه لا يصيد وإنما يَخطف، ولذلك كنِّي بأبي الخَطَّاف، وأبي الصَّلت، يخطف الأفراخ وصغار أولاد الكلاب، وربما يخطف ما لا يصلح له إن كان أحمر، يظنُّه لحماً، ومن عادة الحِدَأَة أنها تُغِيرُ على اللَّحْمِ وَالْكَرِشِ، وتخطف اللحم التي ينشرونها عند ذبحهم للهدايا ونحوها، وربما خطفت اللحم من أيدي الناس، وقد تخطف غير ذلك[15].
• ثانياً:َ الْفَأْرَةُ:
الفأر: بالهمز جمع فأرة، وكنيتها: أُمُّ خراب، والفأر نوعان: جرذان وفئران، وكلاهما له حاسة السمع والبصر، وهما كالجاموس والبقر، ومنها: اليرابيع، والزباب، والخلد، فالزباب صم، والخلد عمي، وفأرة البيش، وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وذات النطق، وفأرة البيت، وهي: الفويسقة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها في الحل، والحرم، والإحرام.
سبب إباحة قتله: ليس في الحيوانات أفسد من الفأر، ولا أعظم أذى منه؛ لأنه لا يُبقي على حقير ولا جليل، ولا يأتي على شيءٍ إلاَّ أهلكه وأتلفه، ولذلك كُنِّي الفأر: بأبي خراب، ومن شأنه: أنه يأتي القارورة الضيقة الرأس، فيحتال حتى يُدخل فيها ذنَبه، فكلما ابتلَّ بالدُّهن أخرجه وامتصَّه حتى لا يدع فيها شيئاً[16]. قال ابن بكير:(إنما أمر بقتل الفأرة؛ لقرضها السِّقاء، والحذاء، اللذين بهما قوام المسافر)[17]، وربما سرقت أموال الناس[18].
ومن خراب الفأرة: أنها تحرق على الناس بيوتهم، ولذلك سمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم بالفويسقة؛ لفسادها وأذاها[19]؛ كما جاء عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ - رضي الله عنهما - قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَجِيفُوا[20] الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ؛ فإنَّ الْفُوَيْسِقَةَ[21] رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ)[22].
ومثله جاء أيضاً عن ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: (جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ، فَجَاءَتْ بها، فَأَلْقَتْهَا بين يَدَيْ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على الْخُمْرَةِ[23] التي كان قَاعِدًا عليها، فَأَحْرَقَتْ منها مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ)، فقال: (إذا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ؛ فإن الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هذه على هذا فَتُحْرِقَكُمْ)[24].
قال ابن عبد البر - رحمه الله: (أجمع العلماء: على جواز قتل الفأرة في الحل والحرم)[25].
• ثالثاً: الْعَقْرَبُ:
العقرب: معروفة، والباء فيه زائدة، وإنما هو من العقر، ثم يستعار، فيقال للذي يقرص الناس: إنه لتدب عقاربه[26]. ويقال للذَّكَر والأنثَى: عَقْرَبٌ. والغالب على العَقْرَب التأنيثُ[27].
أما العقرب والعُقرُبة والعُقرُبا فاسم للأنثى، ويقال للذكر: عُقرُبان بضم العين والراء[28].
والعقرب: دويبة من العنكبيات ذات سم تلسع[29]. يقال: لدغته العقرب، وذوات السموم، إذا أصابته بِسُمِّها، وذلك بأن تأبره بشوكتها[30].
سبب إباحة قتله: ومن أهم أسباب إباحة قتل العقرب: أنها من ذوات السموم؛ كما قال القرطبي - رحمه الله: (إنما أذن في قتل العقرب؛ لأنها ذات حُمَةٍ)[31]. أي: ذات سُمٍّ. وهي (تَقْصِدُ من تلدغه، وَتَتْبَعُ حِسَّهُ)[32]. ومن أسباب جواز قتلها في الحل والحرم: أنها من المؤذيات، فقد لدغت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يُصلِّي: فعن عَائِشَةَ - رضي الله عنها؛ قالت: لَدَغَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقْرَبٌ وهو في الصَّلاَةِ، فقال: (لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ[33]، ما تَدَعُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَ الْمُصَلِّي، اقْتُلُوهَا في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ)[34].
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل العقرب في الحِلِّ والحَرَم؛ لكونها من المؤذيات[35].
وعن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الأَسْوَدَيْنِ[36] في الصَّلاَةِ: الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ)[37]. قال ابن حجر - رحمه الله: (وأخذ أكثر العلماء بهذا الحديث، ورخَّصوا في قتل الحية والعقرب في الصلاة، منهم: ابن عمر - رضي الله عنهما، والحسن، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم)[38].
وقد نقل الإجماعَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم على جواز قتل العقرب في الحل والحرم، ومن ذلك:
1- قال أبو جعفر الطحاوي - رحمه الله: (أَجْمَعُوا: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ قَتْلَ الْعَقْرَبِ في الإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ)[39].
2- وقال ابن عبد البر - رحمه الله -: (أجمع العلماء: على جواز قتل الفأرة في الحل والحرم، وقتل العقرب)[40].
3- وقال ابن المنذر - رحمه الله -: (لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب)[41].
• رابعاً: الْحَيَّةُ:
الحيَّة: قال ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما: (الثُّعْبَانُ: الْحَيَّةُ الذَّكَرُ منها، يُقَالُ: الْحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ: الْجَانُّ، وَالأَفَاعِي، وَالأَسَاوِدُ)[42].
سبب إباحة قتلها: أسباب إباحة قتل الحية هي ذاتها في قتل العقرب؛ لأنها من ذوات السموم، وتقصد مَنْ تلدغه وتتبع حسَّه، ولإفسادها وضررها، فهي من المؤذيات، ولذلك جاء الأمر بقتلها في الحل والحرم[43].
قال الكاساني - رحمه الله -: (وَالْعَقْرَبُ تَقْصِدُ مَنْ تلدغه وَتَتْبَعُ حِسَّهُ، وَكَذَا الْحَيَّةُ)[44].
ومن إفساد الحية وضررها: أنها تطمس البصر، وتسقط حمل المرأة، فقد جاء عن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما؛ أَنَّه سمع النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ على الْمِنْبَرِ، يقول: (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ[45]، وَالأَبْتَرَ[46]؛ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ[47]، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ[48]).
قال عبد اللَّهِ: فَبَيْنَا أنا أُطَارِدُ حَيَّةً؛ لأَقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أبو لُبَابَةَ: لاَ تَقْتُلْهَا، فقلتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ، قال: إنَّه نَهَى بَعْدَ ذلك عن ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهِيَ الْعَوَامِرُ[49].
قال النووي - رحمه الله -: (ذهبت طائفة من العلماء: إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد، حتى تُنذر، وأما ما ليس في البيوت فيُقتل من غير إنذار... وقال بعض العلماء: الأمر بقتل الحيات مطلقاً، مخصوص بالنهي عن جِنان البيوت، إلاَّ الأبترَ، وذا الطفيتين؛ فإنه يُقتل على كل حال، سواء كانا في البيوت أم غيرها)[50].
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحاربة الحيَّات؛ لعظيم إفسادهن: كما جاء عن ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَرَكَ الْحَيَّاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَّ؛ فَلَيْسَ مِنَّا، ما سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ)[51].
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهن لذات السبب: فعن الْعَبَّاسِ بن عبد الْمُطَّلِبِ - رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِ(نَّا نُرِيدُ أَنْ نَكْنُسَ زَمْزَمَ، وَإِنَّ فيها مِنْ هذه الْجِنَّانِ - يَعْنِي: الْحَيَّاتِ الصِّغَارَ - فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِنَّ)[52].
وعن ابن مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ، فَمَنْ خَافَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنِّي)[53]. قال القاري - رحمه الله: (والظاهر أن هذه الأحاديث مطلقة، محمولة على ما عدا سواكن البيوت)[54].
وجاء الأمر بقتل الحيات حتى في الصلاة؛ فقد تقدم الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه؛ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الأَسْوَدَيْنِ في الصَّلاَةِ: الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ)[55].
قال ابن حجر - رحمه الله -: (وأخذ أكثر العلماء بهذا الحديث، ورخَّصوا في قتل الحية والعقرب في الصلاة)[56].
ونقل الإجماعَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم على جواز قتل الحية في الحل والحرم، ومن ذلك:
1- قال ابن بطال - رحمه الله -: (أجمع العلماء: على جواز قتل الحية في الحل والحرم)[57].
2- وقال ابن عبد البر - رحمه الله -: (لا خلاف عن مالك وجمهور العلماء: في قتل الحية في الحل والحرم، وكذلك الأفعى[58])[59].
• خامساً: الْغُرَابُ الأَبْقَعُ:
الغُرابُ: الطائرُ الأَسْوَدُ، والجَمْعُ: أَغْرِبةٌ، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ، وغُرُبٌ، وجَمْعُ الجَمْعِ: غَرَابِينُ[60].
والغُراب الأَبْقَعُ: هو الذي يُخالط سوادَه بياضٌ، وهو أخْبَثُها، وبه يُضْرَبُ المَثَلُ لِكُلِّ خَبِيثٍ، والبَقَعُ والبَقْعَةُ: تَخَالُفُ اللَّون، والأَبْقَعُ: السَّراب؛ لِتَلَوُّنِه [61].
والغراب الأبقع غَريبٌ، وهو غُراب البَيْن، (وكلُّ غرابٍ فقد يُقال له: غُرابُ البَيْن ـ إذا أرادوا به الشُّؤم، أمَّا غراب البَيْن نَفْسُه: فإنَّه غرابٌ صغير، وإنِّما قيل لكلِّ غرابٍ: غرابُ البَيْن؛ لِسُقوطِها في مواضِعِ منازلهم إذا بانوا عنها)[62] المراد بالغراب في الحديث: جاء لفظ (الْغُرَاب) مطلقاً في أغلب الأحاديث، وفي روايةٍ لمسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - مرفوعاً بلفظ: (الْغُرَابُ الأَبْقَعُ)[63].
واختلف العلماء: في المراد بذلك على قولين، والراجح: أن المقصود بقتله في الحل والحرم هو الغراب الأبقع دون غيره، وحملوا المطلق على المقيد[64]، وهو قول ابن المنذر[65]، وابن خزيمة[66]، وغيرهما.
ما جاء عن أهل العلم في ذلك:
1- قال ابن خزيمة - رحمه الله -: (باب: ذكر الخبر المُفَسِّر للَّفظة المُجملة التي ذكرتُها في بعض ما أُبيح قتله للمُحرم، والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أباح للمُحرم قتل بعض الغربان لا كلها، وإنه إنما أباح قتل الأبقع منها، دون ما سواه من الغربان)[67].
2- وقال ابن حجر - رحمه الله: (اتفق العلماء: على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك، ويقال له: غراب الزرع، ويقال له: الزاغ، وأفتوا بجواز أكله، فبقي ما عداه من الغربان مُلْتَحَقاً بالأبقع)[68].
3- وقال العيني - رحمه الله -: (الروايات المطلقة محمولة على هذه الرواية المقيدة التي رواها مسلم؛ وذلك لأن الغراب إنما أبيح قتله لكونه يبتدئ بالأذى، ولا يبتدئ بالأذى إلاَّ الغراب الأبقع، وأما الغراب غير الأبقع فلا يبتدئ بالأذى، فلا يباح قتله: كالعقعق، وغراب الزرع. ويقال له: الزاغ، وأفتوا بجواز أكله، فبقي ما عداه من الغربان مُلْتَحَقًا بالأبقع. ومنها: الغداف، على الصحيح في مذهب الشافعي)[69].
سبب إباحة قتله: سبب إباحة قتل الغراب الأبقع في الحل والحرم؛ هو إفساده وضرره وأذاه، ومن ذلك: أنه يقع على ظهر الإبل الرواحل، وينقر الدَّبر والقروح مما يسبب لها الأذى البالغ، وربما خطف اللحم من أيدي الناس[70].
ما جاء عن أهل العلم في ذلك:
1- ذكر ابن سمعون - رحمه الله - عن الغراب الأبقع أنه: (إذا رأى دَبرةً في ظهر بعير، أو قرحةً في عنقه نزل عليه، ونقرها إلى الدِّيات[71])[72]).
2- قال الكاساني - رحمه الله -: (وَعِلَّةُ الإِبَاحَةِ فيها[73]: هِيَ الابْتِدَاءُ بِالأَذَى، وَالْعَدْوُ على الناس غَالِبًا...وَالْغُرَابُ يَقَعُ على دُبُرِ الْبَعِيرِ، وَصَاحِبُهُ قَرِيبٌ منه..)
قال أبو يُوسُفَ: الْغُرَابُ الْمَذْكُورُ في الحديث، هو الْغُرَابُ الذي يَأْكُلُ الْجِيَفَ، أو يَخْلِطُ مع الْجِيَفِ، إذْ هذا النَّوْعُ هو الذي يبتدئ بِالأَذَى، وَالْعَقْعَقُ[74] ليس في مَعْنَاهُ؛ لأَنَّهُ لا يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَلاَ يبتدئ بِالأَذَى)[75].
3- وقال القرطبي - رحمه الله - في سياق حديثه في جواز إباحة قتل الغراب في الحل والحرم: (وكذلك الحدأة والغراب؛ لأنهما يخطفان اللحم من أيدي الناس... وفي الغراب لوقوعه على الظهر ونقبه عن لحومها)[76].
• سادساً: الْكَلْبُ الْعَقُورُ:
الكلب العقور: هو واحد الكلاب، وجمعه: أكلب، وكلاب، وكليب وهو جمع عزيز لا يكاد يوجد إلاَّ القليل، نحو: عبد وعبيد، وجمع الأكلب: أكالب، وقيل: في جمع الكلاب كلابات، والكلبة: أنثى الكلاب، وجمعها: كَلَبات ولا يكسر[77].
المراد بالكلب العقور: اختلف العلماء: في المراد بالكلب العقور في الحديث على عدة أقول، والراجح: أن الكلب العقور هو كلُّ عادٍ مفترسٍ غالباً؛ كالأسد، والنمر، والذئب، والفهد، ونحوها، وهو قول الجمهور[78]. ومعنى العقور والعاقر: الجارح[79].
ما جاء عن أهل العلم في ذلك:
1- قال الإمام مالك - رحمه الله -: (إنَّ كُلَّ ما عَقَرَ الناس وَعَدَا عليهم وَأَخَافَهُمْ؛ مِثْلُ الأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالْفَهْدِ، وَالذِّئْبِ، فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ)[80].
2- قال ابن بطال - رحمه الله: (ولم يَعْنِ بالكلب العقور الكلابَ الإِنسِيَّة، وإنما عَنَى بذلك كلَّ سَبُعٍ يَعْقِر، كذلك فسَّره مالكٌ، وابنُ عيينة، وأهلُ اللغة)[81].
3- قال ابن الأثير - رحمه الله -: (الكلب العقور: هو كلُ ُّسَبُعٍ يَعْقِرُ، أي: يجرح، ويقتل، ويفترس؛ كالأسد، والنمر، والذئب. سمَّاها كلباً؛ لاشتراكها في السَّبُعيَّة. والعقور: من أبنية المبالغة)[82].
سبب إباحة قتلها: سبب إباحة قتل الكلب العقور وتلك السباع المفترسة في الحل والحرم هو اعتداؤها على الناس وإخافتها لهم، وكذا عقرها وافتراسها، فهذه السباع العادية القاتلة المفترسة؛ كالأسد، والنمر، والذئب، ونحوها، أبيح قتلها في الحل والحرم لعظيم ضررها؛ كما جاء في (تفسير القرطبي): و(الكلب العقور مما يعظم ضرره على الناس)[83].
4- قال الكاساني - رحمه الله -: (وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ من شَأْنِهِ الْعَدْوُ على الناس، وَعَقْرهم ابْتِدَاءً من حَيْثُ الْغَالِبِ)[84].
♦ ♦ ♦
المسألة الثانية
الفواسق غير المنصوص عليها
أولاً: حكمها:
اختلف العلماء: في حُكم قتل الفواسق غير المنصوص عليها في الحرم، على قولين، والراجح: جواز قتل جميع الفواسق في الحرم؛ المنصوص عليها، وما في معناها، وهو قول الجمهور. ومنهم: الأئمة الثلاثة: مالك[85]، والشافعي[86]، وأحمد[87].
قال النووي - رحمه الله: (اتفق جماهير العلماء: على جواز قتلهن في الحل والحرم والإحرام. واتفقوا: على أنه يجوز للمُحرِم أن يقتل ما في معناهنَّ، ثم اختلفوا في المعنى)[88]. أي: في تحديد المعنى.
الأدلة:
1- ذِكْرُ العدد في الأحاديث السابقة غير مراد؛ لسببين:
أ- اختلاف العدد من حديث لآخر؛ فقد ورد أحياناً بلفظ: «أربع»[89]، وتارة بلفظ: «خمس»[90]، وتارة بلفظ: «ست»[91]، وتارة دون ذِكْرِ العدد[92].
ب- اختلاف تحديد الفواسق من حديث لآخَر، فتارةً تُذكر (الحية) ولا يُذكر (العقرب)[93]، أو تُذكر (العقرب) ولا تُذكر (الحية)[94]، أو لا تُذكر (الحية) و(الغراب)[95]، وتارة بلفظ: (السَّبُعَ الْعَادِيَ)[96]، مما يدل على أن ذِكْرَ العدد غير مراد.
قال ابن تيمية - رحمه الله: (ولم يكن قوله: «خَمْسٌ» على سبيل الحصر؛ لأنَّ في أحد الحديثين ذِكْر الحية، وفي الآخَر ذِكْر العقرب، وفي آخر ذِكْرها وذِكْر السَّبُع العادي، فعُلِمَ أنه قَصَد بيان ما تمسُّ الحاجة إليه كثيراً، وهو هذه الدواب، وعلَّلَ ذلك بفسوقها)[97].
2- لفظ: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ» بالتنوين هو الأشهر، مما يدل أن علة جواز قتل هذه الدواب في الحل والحرم هو فِسقها، فيعمُّ كلَّ فاسق.
وورد أحياناً بلفظ: «خَمْسُ فَوَاسِقَ» بالإضافة، مما يقتضي التخصيص بالخَمس دون غيرها.
ما جاء عن أهل العلم في ذلك:
أ- قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: (المشهور في الرواية: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ» بالتنوين، ويجوز: «خَمْسُ فَوَاسِقَ» بالإضافة من غير تنوين... وبين التنوين والإضافة في هذا فرقٌ دقيقٌ في المعنى؛ وذلك أن الإضافة تقتضي الحكم على خمس من الفواسق بالقتل، وربما أشعر التخصيص، بخلاف الحُكم في غيرها وبطريق المفهوم، وأما مع التنوين فإنه يقتضي وصفَ الخمس بالفسق من جهة المعنى، وقد يُشعر بأن الحُكم المرتب على ذلك؛ وهو القتل مُعَلَّل بما جعل وصفاً؛ وهو الفسق - فيقتضي ذلك التعميمَ لكلِّ فاسق من الدواب، وهو ضِدُّ ما اقتضاه الأوَّل من المفهوم، وهو التخصيص)[98].
ب- وقال الماوردي - رحمه الله -: (نَصَّ على قَتْل ما يَقِلُّ ضرره؛ لِيُنَبِّه على جواز قَتْلِ ما يَكْثُرُ ضَرَرُه: فنَصَّ على الغراب والحدأة؛ لينبه على العقاب والرخمة، ونَصَّ على الفأرة؛ لينبه على حشرات الأرض، وعلى العقرب؛ لينبه على الحية، وعلى الكلب العقور؛ لينبه على السَّبُع والفَهْد وما في معناه، وإذا أفاد النَّص دليلاً وتنبيهاً كان حُكْم التَّنبيه مُسْقِطاً لدليل اللفظ؛ كقوله تعالى: ﴿ فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: ٢٣]، ففيه تنبيه على تحريم الضَّرب، ودليلُ لَفْظِه يقتضي جوازَ الضَّرب، فقضى بتنبيهه على دليله)[99].
ت- وقال ابن قدامة - رحمه الله -: (إن الخبر نَصَّ من كلِّ جنسٍ على صورةٍ من أدناه؛ تنبيهاً على ما هو أعلى منها، ودلالةً على ما كان في معناها، فنَصُّه على الحِدْأَة والغراب تنبيه على البازي ونحوِه، وعلى الفأرة تنبيه على الحشرات، وعلى العقرب تنبيه على الحيَّة، وعلى الكلب العقور تنبيه على السِّباع التي هي أعلى منه)[100]. وقال أيضاً: (فعلى هذا يُباح قَتْلُ كُلِّ ما فيه أذًى للناس في أنفسِهم وأموالِهم؛ مثل سِباعِ البهائم كلِّها، الحرامِ أَكْلُها، وجوارحِ الطَّير؛ كالبازي، والصَّقْرِ، والشَّاهين، والعُقَابِ، ونحوِها، والحشراتِ المؤذيةِ، والزُّنْبُورِ، والبَقِّ، والبعوضِ، والبراغيثِ، والذُّبابِ، وبه قال الشافعي)[101].
3- كُلُّ ما عَقَرَ الناسَ وَعَدَا عليهم وَأَخَافَهُمْ، فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ:
وقد سبق إيراد كلام الإمام مالك - رحمه الله -: (إنَّ كُلَّ ما عَقَرَ الناس وَعَدَا عليهم وَأَخَافَهُمْ؛ مِثْلُ الأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالْفَهْدِ، وَالذِّئْبِ، فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ)[102]. ويشهد له:
أ- قوله تعالى: ﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ﴾ [المائدة: ٤].
قال أبو عبيد بن القاسم - رحمه الله -: (فهذا اسم مشتق من الكلب، ثم دخل فيه صيد الفهد والصقر والبازي، فصارت كلُّها داخلةً في هذا الاسم، فلهذا قيل لكلِّ جارحٍ أو عاقرٍ من السِّباع: كلب عقور)[103].
وقال الماوردي - رحمه الله -: (اسم الكلب يقع على السَّبُع لغةً وشرعاً. أما اللغة: فلأنه مشتق من التَّكَلُّب وهو العَدْوَى والضَّرارة وهذا موجود في السَّبُع)[104].
ب- ما جاء عن أبي عقرب[105]- رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ لَهَبُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ يَسُبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبَكَ). فَخَرَجَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي قَافِلَةٍ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَنَزَلَ مَنْزِلاً، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَخَافُ دَعْوَةَ مُحَمَّدٍ [صلى الله عليه وسلم] قَالُوا لَهُ: كَلا، قَالَ: فَحَوَّطُوا الْمَتَاعَ حَوْلَهُ وَقَعَدُوا يَحْرُسُونَهُ، فَجَاءَ الأَسَدُ فَانْتَزَعَهُ فَذَهَبَ بِهِ[106]. وجه الدلالة: لَزِمَ الأسدَ هنا اسمُ الكلب[107].
ثانياً: سبب إباحة قتلها:
اختلف العلماء: في سبب إباحة قتل هذه الدواب الفواسق المنصوص عليها وما في معناها على ثلاثة أقوال، والراجح: هو إخافتها للناس، واعتداؤها عليهم، وإيذاؤها لهم في الأبدان أو الأموال، وقال به: الإمامان: مالك[108]، وأحمد[109].
ما جاء عن أهل العلم في ذلك:
1- قال الكاساني - رحمه الله -: (وَعِلَّةُ الإِبَاحَةِ فيها هِيَ الابْتِدَاءُ بِالأَذَى، وَالْعَدْوُ على الناس غَالِبًا)[110].
2- قال ابن العربي - رحمه الله -: (قال علماؤنا: يجوز للمُحرِم قتل السِّباع العادية المبتدئة بالمضرَّة؛ كالأسد والنمر والذئب والفهد والكلب العقور وما في معناها)[111].
3- قال ابن الأثير - رحمه الله: (الكلب العقور: هو كلُ ُّسَبُعٍ يَعْقِرُ، أي: يجرح، ويقتل، ويفترس؛ كالأسد، والنمر، والذئب. سمَّاها كلباً؛ لاشتراكها في السَّبُعيَّة)[112].
د. محمود بن أحمد الدوسري
المراجع
[1] انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (4/ 491)؛ شرح النووي على صحيح مسلم، (8/ 113)؛ الشرح الكبير، لابن قدامة (3/ 114)؛ مجموع
الفتاوى، (11/ 609)؛ تبيين الحقائق، (2/ 66)، الطرق الحكمية، (1/ 411).
[2] رواه البخاري، (2/ 649)، (ح1731)؛ ومسلم، واللفظ له، (2/ 857)، (ح1199).
[3] (من الدَّوَابِّ): الدواب: جمع دابة، وهو ما دبَّ من الحيوان.
[4] (لاَ حَرَجَ): أي: لا بأس ولا إثم. قال ابن الأثير: أصل الحرج الضيق، ويُطلق على الإثم والحرام.
[5] (الفَارَةُ): أصله الهمز، ويبدل.
[6] رواه البخاري، (4/ 34)، (ح1828)؛ ومسلم، واللفظ له، (2/ 858)، (ح1200).
[7] (فَوَاسِقُ): جمع فاسقة، وهي الخارجة عن حدِّ الاستقامة، وأصل الفِسْقِ في كلام العرب الخروج، وسُمِّيَ الرجل الفاسق؛ لخروجه عن أمر الله وطاعته، ومن هنا جاء وصفها هنا بالفواسق؛ لفسقهنَّ وخروجهنَّ لما عليه سائر الحيوان، لما فيهنَّ من الضرر والإيذاء والإفساد، فأباح قتلهن لهذه العلة. انظر: معجم ابن الأعرابي، (4/ 149)؛ شرح صحيح البخاري، لابن بطال (4/ 491)؛ تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، (1/ 259).
[8] رواه البخاري، (3/ 1204)، (ح3136)، ومسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[9] (بِصُغْرٍ لها) أي: بمذلَّة وإهانة. رواه مسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[10] رواه مسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[11] شرح النووي على صحيح مسلم، (8/ 113).
[12] انظر: تهذيب اللغة، (5/ 121).
[13] انظر: أمالي ابن سمعون، (1/ 226).
[14] النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 349).
[15] انظر: أمالي ابن سمعون، (1/ 226)؛ التمهيد، (15/ 160)؛ تفسير القرطبي، (6/ 303)؛ بدائع الصنائع، (2/ 197)؛ حياة الحيوان الكبرى، للدميري (1/ 325).
[16] انظر: أمالي ابن سمعون، (2/ 57).
[17] تفسير القرطبي، (6/ 303).
[18] انظر: بدائع الصنائع، (2/ 197).
[19] انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (6/ 77).
[20] (أَجِيفُوا): أمرٌ من الإجافة، بالجيم والفاء، وهو الرد، يقال: أجفتُ البابَ، أي: رددتُه.
انظر: عمدة القاري، (22/ 271).
[21] (الْفُوَيْسِقَةَ): تصغير فاسقة للتحقير؛ وسبب تسميتها: هو خروجها من جحرها على النَّاسِ وَاغْتِيَالِهَا إيَّاهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ بِالْفَسَادِ. انظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن رجب (2/ 2320).
[22] رواه البخاري، واللفظ له، (5/ 2320)، (5937)؛ ومسلم، (3/ 1594)، (ح2012).
[23] (الْخُمْرَةِ): بضم الخاء المعجمة وسكون الميم، وجمعها خُمْر، وهي: سجادة صغيرة تُعمل من سعف النخل، وتوصل بالخيوط. قيل: سُمِّيت خُمْرَةً؛ لأنها تستر وجه المُصَلِّي عن الأرض. ومنه: سمي الخمار الذي يستر الرأس. وقال ابن بطال - رحمه الله: الخُمْرَة: مُصَلَّى صغير يُنسج من سعف النخل، ويوصل بالخيوط ويسجد عليه، فإن كان كبيرًا قدر طول الرَّجل أو أكبر، فإنه يقال له حينئذ: حصير، ولا يقال له: خُمرة، وقال ابن دريد: هي السجادة وجمعها خمر. انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 43)؛ عمدة القاري، (4/ 108).
[24] رواه عبد بن حميد في (مسنده)، (ص203)، (ح591)؛ والبخاري في (الأدب المفرد)، (ص409)، (ح1222)، وأبو داود، (4/ 363)، (ح5247)؛ وابن حبان في (صحيحه)، (12/ 327)، (ح5519)؛ والحاكم في (المستدرك)، (4/ 317)، (ح7766) وقال: (صحيح الإسناد، ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود)، (3/ 289)، (ح5247).
[25] الاستذكار، (4/ 156).
[26] انظر: معجم مقاييس اللغة، (4/ 360).
[27] انظر: تهذيب اللغة، (3/ 186).
[28] انظر: المجموع، (9/ 14).
[29] انظر: المعجم الوسيط، (2/ 615).
[30] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (3/ 93).
[31] تفسير القرطبي، (6/ 303).
[32] بدائع الصنائع، (2/ 197).
[33] (لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ): دل الحديث على جواز لعن المؤذيات، وأما لعن الحيوانات على التشخيص فغير جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هدَّد امرأةً لعَنَت ناقتَها، وقال: (لاَ تَصْحَبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ). وقال أيضاً: (ليس الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ). انظر: شرح سنن ابن ماجه، (1/ 88).
[34] رواه ابن ماجه، (1/ 395)، (ح1246)؛ والطبراني في (الأوسط)، (7/ 221)، (ح7329). وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه)، (1/ 372)، (ح1037).
[35] انظر: فيض القدير، (5/ 270).
[36] (الأَسْوَدَيْنِ): تسمية العقرب والحية بالأسودين من باب التغليب، ولا يسمى بالأسود في الأصل إلاَّ الحية، وقيل: لأن عقرب المدينة يميل إلى السواد. انظر: تحفة الأحوذي، (2/ 334)؛ حاشية السندي على سنن النسائي، (3/ 10).
[37] رواه الطيالسي في (مسنده)، (ص331)، (ح2539)؛ وأحمد في (المسند)، (2/ 248)، (ح7373)؛ وابن ماجه، (1/ 394)، (ح1245)؛ والترمذي، (2/ 234)، (ح390) وقال: (حسن صحيح)؛ وابن خزيمة في (صحيحه)، (2/ 41)، (869)؛ وابن حبان في (صحيحه)، (6/ 115)، (ح2351)؛ والحاكم في (المستدرك)، (1/ 386)، (ح939) وقال: (صحيح، ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه)، (1/ 372)، (ح1036).
[38] فتح الباري، (6/ 398).
[39] شرح معاني الآثار، (2/ 167).
[40] الاستذكار، (4/ 156).
[41] فتح الباري، (4/ 39).
[42] صحيح البخاري، (3/ 1201).
[43] انظر: تفسير القرطبي، (6/ 303).
[44] بدائع الصنائع، (2/ 197).
[45] (ذَا الطُّفْيَتَيْنِ): هما الخَطَّان الأبيضان على ظهر الحية، وأصل الطفية خوصة المُقل، وجمعها طُفَى، شبه الخطين على ظهرها بخوصتي المقل.
[46] (الأَبْتَرَ): هو قصير الذَّنَب. وقال نضر بن شميل: هو صِنف من الحيات أزرق مقطوع الذَّنَب، لا تنظر إليه حامل إلاَّ ألقت ما في بطنها.
[47] (يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ): أي: يخطفان البصر ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه؛ لخاصة جعلها الله تعالى في بصريهما إذا وقع على بصر الإنسان.
[48] (يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ): معناه: أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت الحمل غالباً. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (14/ 230).
[49] رواه البخاري، واللفظ له، (3/ 1201)، (ح3123)؛ ومسلم، (4/ 1752)، (ح2233).
[50] شرح النووي على صحيح مسلم، (14/ 230).
[51] رواه أحمد في (المسند)، (1/ 230)، (ح2037)؛ وأبو داود، (4/ 363)، (ح5250)؛ والطبراني في (الكبير)، (11/ 301)، (ح11801). وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي دواد)، (3/ 289)، (ح5250).
[52] رواه أبو داود، (4/ 363)، (ح5251). وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود)، (3/ 290)، (ح5251).
[53] رواه أبو داود، (4/ 363)، (ح5249)؛ والنسائي، (6/ 51)، (ح3193)؛ والطبراني في (الكبير)، (9/ 351)، (ح9747). قال الهيثمي في (مجمع الزوائد)، (4/ 46): (رجاله ثقات). وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود)، (3/ 289)، (ح5249).
[54] مرقاة المفاتيح، (8/ 48).
[55] سبق تخريجه في الهامش رقم (37).
[56] فتح الباري، (6/ 398).
[57] شرح صحيح البخاري، (4/ 493).
[58] الأفعى: حية، يقال: هي رقشاء دقيقة العنق، عريضة الرأس، لا تزال مستديرة على نفسها، لا ينفع منها ترياق، ولا رقية. انظر: المصباح المنير، (2/ 478).
[59] التمهيد، (15/ 163).
[60] انظر: المحكم والمحيط الأعظم، (5/ 511).
[61] انظر: المصدر نفسه، (1/ 250).
[62] الحيوان، للجاحظ (3/ 431)؛ لسان العرب، (1/ 642).
[63] رواه مسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[64] انظر: البناية، (4/ 305)؛ مواهب الجليل، (4/ 235)؛ فتح الباري، (4/ 38)؛ عمدة القاري، (10/ 180)؛ المغني، (3/ 342).
[65] انظر: فتح الباري، (4/ 38)؛ عمدة القاري، (10/ 180).
[66] انظر: صحيح ابن خزيمة، (4/ 191).
[67] صحيح ابن خزيمة، (4/ 191).
[68] فتح الباري، (4/ 38).
[69] عمدة القاري، (10/ 180).
[70] انظر: التمهيد، (15/ 160).
[71] الدِّيات: هي عظام الرقبة، وفقار الظهر. انظر: أمالي ابن سمعون، (1/ 354).
[72] أمالي ابن سمعون، (1/ 354).
[73] أي: الدواب الفواسق.
[74] الْعَقْعَقُ: الغراب العقعق: من أنواع الغربان، وهو قدر الحمامة على شكل الغراب، وسمي بذلك؛ لأنه يعق فراخه فيتركها بلا طعم، وكانت العرب تتشاءم به. انظر: فتح الباري، (4/ 38).
[75] بدائع الصنائع، (2/ 197).
[76] تفسير القرطبي، (6/ 303).
[77] انظر: لسان العرب، (1/ 721)؛ القاموس المحيط، (ص169).
[78] انظر: شرح السنة، للبغوي (4/ 160)؛ شرح فتح القدير، (3/ 75)؛ شرح النووي على صحيح مسلم، (8/ 115)؛ شرح الزركشي، (3/ 155)؛ فتح الباري، (4/ 39)؛ مطالب أولي النهى، (2/ 343)؛ نيل الأوطار، (5/ 27).
[79] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (8/ 115).
[80] الموطأ، (1/ 357).
[81] شرح صحيح البخاري، (4/ 490).
[82] النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 275). وانظر: لسان العرب، (4/ 594).
[83] تفسير القرطبي، (6/ 303).
[84] بدائع الصنائع، (2/ 197).
[85] انظر: التمهيد، (15/ 162)؛ الذخيرة، (3/ 3159.
[86] انظر: اللباب في الفقه الشافعي، لأحمد الضبي (ص206)؛ شرح النووي على صحيح مسلم، (15/ 113)؛ فتح الباري، (4/ 36).
[87] انظر: المغني، (3/ 342)؛ الإقناع، (1/ 583).
[88] شرح النووي على صحيح مسلم، (8/ 113).
[89] رواه مسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[90] رواه البخاري، (3/ 1204)، (ح3136)، ومسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[91] رواه أبو عوانة في (مسنده)، (2/ 412)؛ (ح3635). وانظر: فتح الباري، (4/ 36).
[92] رواه أحمد في (المسند)، (6/ 285)، (ح26482)؛ وأبو داود، (2/ 170)، (ح1848). وضعفه الألباني في (ضعيف سنن أبي داود)، (ص145)، (ح1848).
[93] رواه مسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[94] رواه البخاري، (3/ 1204)، (ح3136)، ومسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[95] رواه مسلم، (2/ 856)، (ح1198).
[96] رواه الترمذي، (3/ 198)، (ح838) وقال: (حديث حسن).
[97] شرح العمدة في الفقه، (3/ 139).
[98] إحكام الأحكام، (3/ 32-33).
[99] الحاوي الكبير، (4/ 360).
[100] المغني، (3/ 164).
[101] الشرح الكبير، (3/ 303).
[102] الموطأ، (1/ 357).
[103] غريب الحديث، (2/ 169).
[104] الحاوي الكبير، (4/ 360).
[105] صحابي مشهور بكنيته، وقد اختُلف في اسمه، قيل اسمه: خويلد بن خالد. انظر: الطبقات الكبرى، لابن سعد (5/ 457)؛ معرفة الصحابة، لأ
مواد متعلقة
-
تعظيم البلد الحرام وحرمة الإلحاد فيه
إن للكعبة مكانة كبيرة، ومنزلة... -
قطعُ شجرِ الحَرم
في هذا البحث مسألتان: المسأ... -
أحكام الحرم المكي وخصائصه
يبحث المقال ما أبا... -
قطع شجر الحرم
يبحث المقال في قطع شجرة الحرم،... -
حٌكم الصيد في الحَرم
جزاء قتل الصيد للمُحْرِم والحل...