النية تعقد في القلب ولا يشترط التلفظ بها (والمقصود هنا أصل النية)، لكن يجوز التلفظ بقدر ما نوى لا بأصل العبادة، فلا يُقال: إني نويت أن اعتمر أو أحج لكن لا بأس أن تقول لبيك عمرة أو لبيك حجًا
مناسك الحج
أولاً: تعريف الحج وأنواعه
ما الفرق بين العمرة والحج؟
متى يؤدي الحج؟ الأشهر القمرية
أنواع الحج
هناك ثلاثة طرق رئيسية لأداء الحج ويمكن للمسلم إختيار أي منها.
وهذه تعاريف مبسطة لتسهيل فهمها.
حج القارن: لبيك عمرة وحجاً.
حج المتمتع: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج.
حج المفرد: لبيك حجاً (دليل الحاج والمعتمر - طلال العقيل).
أي أنواع الحج أكثر شيوعاً؟
يعتبر حج التمتع أكثر أنواع الحج شيوعاً ويليه حج القران ثم حج الإفراد.
يسمى حج التمتع بهذا الإسم لأن الحاج المتمتع يحرم مرتين، المرة الأولى لأداء العمرة فور وصوله إلى مكة ثم يتحلل من الإحرام "ويتمتع" بأن يعود لثيابه وأن يخرج من محظورات الإحرام.
وله أن يبقى في مكة أو أن يذهب للمدينة لكنه يحرم مرة أخرى يوم التروية (8 ذي الحجة) ليدخل في أعمال الحج.
ويسمى حج القران بهذا الإسم لأن الحاج يحرم إحراماً واحداً للعمرة والحج معاً ولا يتحلل منه حتى يؤدي المناسك المطلوبة.
وحج القران يناسب الذين يأتون للحج في يوم التروية أو قبله بأيام قليلة فيقرنون العمرة مع أعمال الحج في إحرام واحد ولا يتمتعون بالتحلل منه بعد الفراغ من العمرة.
أما حج الإفراد فيسمى بهذا الإسم لأن الحاج لا يؤدي العمرة قبل أعمال الحج أو معها بل يحرم ويدخل في أعمال الحج مباشرة.
ويمكن للحاج المفرد أن يعتمر بعد أن ينتهي من الحج لكن بإحرام جديد.
ويناسب حج الإفراد الذين يودون أداء الفريضة وليس لديهم متسعاً من الوقت فيقتصر حجهم على فرائض الحج وواجباته.
وليس على الحاج المفرد أضحية لكنها واجبة على كل من الحاج المتمتع والحاج القارن
حج التمتع
حج القران
حج الإفراد
حج الإفراد يناسب المتعجلين فيمكن للحاج أن يحرم ويأتي لعرفة ويكمل مناسك الحج إلى يوم الثاني من أيام التشريق ويذهب بعدها لطواف الوداع.
ثانياً: مناسك الحج
الفروض والواجبات والسنن
تنقسم مناسك الحج إلى أعمال مفروضة وأعمال واجبة وأعمال مسنونة.
أما الأعمال المفروضة فلا يجوز تركها بأي حال من الأحوال وإلا بطل الحج ويتوجب إعادته، لذلك تسمى هذه الأعمال "أركان الحج".
أما الأعمال الواجبة فعلى كل حاج أن يؤديها في وقتها فإن اضطر لتركها فعليه أن يقدم أضحية لكل عمل واجب تركه أو لم يؤده.
والأضحية يمكن أن تكون من الغنم أو البقر أو الإبل وسيأتي تفصيل ذلك في هذا الفصل.
أما الأعمال المسنونة فهي أعمال قام بها النبي صلى الله عليه وسلم لكنها ليست واجبة ويجوز تركها ولا دم (أضحية) عليها.
ويستحب فعلها لأنها من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
في هذا الفصل سوف يتم شرح أعمال الحج المفروضة والواجبة والمسنونة ويستعرض صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم خطوة بخطوة وهذا يشمل كل أعمال الحج التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم سواء كانت أركاناً أو واجبات أو سنناً.
أعمال الحج
أ- أركان الحج (فروضه)
أركان الحج أربعة وهي: الإحرام والوقوف في عرفات وطواف الإفاضة وسعي الحج.
1- الإحرام:
هو أول أركان الحج وفرائضه ولا يصح الحج من دونه.
ويجب أن يتم الإحرام من الميقات الصحيح أي من الموقع المحدد للدخول في الإحرام، فإن تعداه الحاج دون الدخول في الإحرام وجب عليه تقديم فدية (يذبح شاة).
التلبية:
تبدأ التلبية من الإحرام إلى ما قبل رمي جمرة العقبة الكبرى (يوم النحر أو صباح أول أيام العيد).
"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
2- الوقوف في عرفات 9 ذو الحجة
وهو أهم أركان الحج ولا يصح الحج من دونه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" وفي عرفة يجتمع الحجاج كلهم بلا استثناء فيبقون ضمن حدوده ويدعون ربهم ويسألونه من فضله وأن يغفر ذنوبهم.
والوقوف أو البقاء في عرفات حتى غروب الشمس هو واجب على كل حاج فإن اضطر الحاج لمغادرة عرفات قبل الغروب وجب عليه أن يقدم أضحية.
3- طواف الإفاضة
طواف الإفاضة هو الركن الثالث من أركان الحج ولا يجوز تركه (ولا يمكن تعويضه بتقديم أضحية).
وعلى الحاج أن يؤدي طواف الإفاضة بعد انتهائه من أعمال يوم النحر (10 ذي الحجة) أي بعد رمي الجمرة الكبرى وتقديم الأضحية وحلق الشعر أو تقصيره والتحلل من الإحرام (وقد تجاوز الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحجاج الذين لم يؤدوا تلك الأعمال بالترتيب المذكور أعلاه أن لا حرج عليهم).
ويمكن تأجيل طواف الإفاضة إذا تعب الحاج أو لم يتسع الوقت له ليكون ما بعد العاشر من ذي الحجة.
ملاحظة:
يرجى ملاحظة أن هناك أنواعاً أخرى من الطواف يؤديها الحاج خلال حجه فيستحب للحاج فور وصوله لمكة أن يطوف بالكعبة طواف القدوم (سبعة أشواط) وهي سنة تشبه تحية المسجد.
وحيث أن كثيراً من الحجاج يؤدي العمرة فور وصوله لمكة فإن طواف العمرة يعتبر هو نفسه طوافاً للقدوم.
أما طواف الوداع فيجب أن يؤديه الحاج قبل مغادرته مكة كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من واجبات الحج عند معظم الفقهاء (باستثناء المالكية) فمن تركه عليه أضحية ويستثنى من ذلك المرأة التي حاضت ولا تستطيع أن تطوف بالكعبة.
4- سعي الحج
السعي هو الركن الرابع من أركان الحج ولا يجوز تركه في أي حال من الأحوال.
وعادة يأتي سعي الحج بعد طواف الإفاضة وينطبق ذلك على الحاج المتمتع.
فالحاج الذي ينوي حج التمتع فإنه يسعى للعمرة بعد طوافها ويسعى للحج بعد طواف الإفاضة وذلك لأنه تحلل من إحرامه فيصبح هناك فاصل بين العمرة وأعمال الحج فكان لزاماً عليه أن يسعى للحج بعد طواف الإفاضة.
وهناك بعض الحالات يجوز فيها تقديم سعي الحج ليكون بعد طواف القدوم أو طواف العمرة.
فالحاج القارن يعتمر أولاً ويبقى على إحرامه حتى يدخل في أعمال الحج وبهذا تكون أعمال العمرة دخلت في أعمال الحج.
وبما أن الحاج القارن أدى طواف العمرة وسعى بعدها وبقى على إحرامه فإنه لا يحتاج أن يسعى مرة أخرى بعد طواف الإفاضة ويكفيه سعي العمرة.
أما الحاج المفرد فإنه يؤدي سعي الحج عادة بعد طواف الإفاضة، لكنه إذا ما طاف طواف القدوم فور وصوله إلى مكة جاز له أن يسعى بعده ويصبح هذا السعي سعياً للحج.
في حج التمتع يسعى الحاج للعمرة ويسعى كذلك للحج.
أما في حج القران فإن سعي العمرة هو سعي للحج ويجزئ عنه (لأن العمرة مقرونة بالحج - إحرام واحد).
ب- واجبات الحج
- الدخول في الإحرام عند الميقات الصحيح: وقد تم شرح تلك المواقيت المكانية في الفصل الثالث صفحة 40 ولا يجوز للحاج أن يتعدى منطقة الميقات إلا وقد نوى الدخول في الإحرام والتزام بمحظوراته.
- الوقوف في عرفات حتى غروب الشمس: ويجب أن يكون ذلك يوم التاسع من ذي الحجة وإذا غادر الحاج عرفات قبل الغروب فإن حجه يبقى صحيحاً لكنه يجب عليه أن يقدم فدية.
- المبيت في المزدلفة: وهو واجب عند معظم الفقهاء وقد بات النبي صلى الله عليه وسلم حتى الفجر لكنه سمح للنساء والضعفاء بالمغادرة بعد غروب القمر أي عند منتصف الليل وهذا يسهل عليهم رمي الجمرة الكبرى قبل الشروق لتفادي الزحام.
- أعمال الحج يوم العاشر من ذي الحجة: وهي أعمال واجبة وتبدأ أعمال هذا اليوم برمي الجمرة الكبرى (7 حصيات) ثم تقديم الأضحية بالنسبة للحاج المتمتع أو القارن ثم حلق أو تقصير الشعر (التحلل).
وسوف يتم شرح الأضحية والتحلل فيما بعد.
ترتيب أعمال يوم العاشر من ذي الحجة كما هو موضح أعلاه، ولا حرج على من لم يستطع أن يؤديها بنفس الترتيب (لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بذلك).
الأضحية والهدي والفدية
الأضحية (الهدي) هي ما يذبح من الغنم أو المعز أو الإبل أو البقر تقرباً لله تعالى وهي من مناسك الحج والواجبة على الحاج المتمتع أو القارن.
ويجب تقديم الأضحية في يوم النحر (10 ذي الحجة) بعد رمي جمرة العقبة الكبرى.
وعلى كل حاج (متمتع أو مقرن) ذكراً كان أم أنثى أضحية واحدة من الغنم أو المعز.
أما الإبل والبقر فيجوز أن يتقاسم الواحدة منها سبعة حجاج وهذا يعني أن سبع البقرة أو الناقة يساوي شاة أو واحدة من الغنم.
وتقديم الأضحية عبادة وتقرب لله عز وجل وكما أن إبراهيم عليه السلام صدق الرؤيا وذهب ليضحي بولده إسماعيل ففداه الله بكبش عظيم، فإن الحجاج والمسلمين يقدمون الأضاحي لله تعالى ويوزعون لحومها في كل عام على الفقراء والمحتاجين فيدخلون السرور على قلوبهم.
وإذا ترك الحاج واجباً من واجبات الحج وجب عليه أن يقدم أضحية لجبر الخلل في حجه، عن كل واجب متروك وهذه تسمى فدية.
فإن لم يستطع فعليه صيام ثلاثة أيام خلال فترة الحج وسبعة أيام إذا رجع لوطنه
{فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٍۢ فِى ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (البقرة: 196).
والفرق بين الأضحية الواجبة على الحاج المتمتع أو القارن والفدية التي يضحى بها الحاج إذا ترك واجباً من واجبات الحج أنه يمكن للحاج أن يأكل من أضحيته لكنه لا يأكل من الفدية بل يوزعها كلها على الفقراء.
الهدي هو الأضحية ويسميه المسلمون غير "العرب" قربان.
الحلق والتقصير
دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة للمحلقين ثلاثاً ودعا مرة واحدة للمقصرين من الرجال.
رمي الجمرات الثلاث خلال أيام التشريق:
هي واجبة على كل حاج.
يرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمرة الصغرى والوسطى والكبرى (7 حصيات عند كل جمرة = 21 حصوة في اليوم).
وقد رخص الله عز وجل للمتعجلين أن يغادروا منى ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات الثلاث وقبل غروب شمس ثاني أيام التشريق.
وعليه يجب على الحاج أن يرمي الجمرات الثلاث اليومين الأول والثاني من أيام التشريق فإن ترك الرمي لأي من الجمرات الثلاث وجب عليه فدية.
البقاء في منى خلال أيام التشريق: وهو أمر واجب حسب رأي الفقهاء باستثناء الحنفية فهو سنة عندهم.
طواف الوداع: وهو واجب عند معظم الفقهاء باستثناء المالكية فهو سنة حسب رأي الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه.
لا يجوز للحاج أن يغادر منى قبل اليوم الثاني للتشريق فإن غادر قبل أن يرمي الجمرات الثلاث وجب عليه تقديم فدية.
التحلل والخروج من الإحرام
التحلل هو خلع ملابس الإحرام بالنسبة للرجال والخروج من محظورات الإحرام (للرجال والنساء).
ملاحظة: إذا لم يؤد الحاج المناسك حسب ترتيبها المعروف يجوز له أن يتحلل التحلل الأصغر إذا أدى إثنين من تلك المناسك أيا كانت (رمي الجمرة الكبرى، أو الذبح، الحلق أو التقصير).
ج- سنن الحج
سنن الحج هي تلك الأعمال غير المفروضة أو غير الواجبة والتي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم خلال حجه ولم يلزم أحداً بها ولا شيء على تاركها.
والجدول الآتي يذكر أعمال الحج ويلخص أهم سننه.
وسوف يتعرف القارئ على المزيد من سنن الحج بعد اطلاعه على صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم.
المرأة في الحج
تؤدي المرأة مناسك الحج كاملة كما يؤديها الرجل من إحرام وطواف وسعي ورمي للجمار وتقديم للأضحية وتقصير للشعر وغير ذلك.
إلا أن هناك أحكاماً خاصة بالمرأة تم تلخيصها في الجدول الآتي حتى يسهل الرجوع إليها.
الحيض في الحج: يمكن للمرأة الحائض أن تؤدي مناسك الحج كاملة باستثناء الطواف (لأنه صلاة تحتاج للطهارة الكاملة).
وليس على المرأة الحائض صلاة كما أنها لا تحتاج لقضائها أو إعادتها بعد طهارتها.
وأجاز الفقهاء للمرأة أن تستعمل حبوب تأخير الدورة الشهرية وذلك بعد استشارة الطبيب.
المذاهب الفقهية في تصنيف أعمال الحج:
يجب على الحاج أن يعرف أن هناك أربعة مذاهب رئيسية عند أهل السنة (الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية).
وقد تختلف فيما بينها في تصنيف بعض أعمال الحج حسب فهم تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم.
فعلى سبيل المثال يرى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أن البقاء في منى خلال أيام التشريق هو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليست من أعمال الحج الواجبة وعليه فأن الحاج إذا تركها فلا إثم عليه ولا يتوجب عليه أن يقدم أضحية كما هو الحال حسب الآراء المذهبية الأخرى.
ويرى الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه أن طواف الوداع هو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليست من أعمال الحج الواجبة وعليه لا يحتاج الحاج أن يقدم فدية (أضحية) في حال مغادرته لمكة من دون أن يقوم بطواف الوداع.
مواد متعلقة
-
مقدمة أبسط دليل للحج والعمرة
هذه مقدمة كتاب أبسط دليل للحج... -
الحج والعمرة
الحج: هو قصد مكة لأد... -
التيسير في مناسك الحج والعمرة
في هذه المادة نشرح تفاصيل مناس... -
ما هو ترتيب مناسك الحج
مناسك الحج الواجب أو... -
أحكام الحج
الحج ركن الإسلام الخامس، فله و...